كلمة رئيس الوزراء سلام فياض في الذكرى الرابعة لرحيل القائد الرمز ياسر عرفات - أبو عمار

10/11/2008

كلمة رئيس الوزراء
سلام فياض
 في الذكرى الرابعة لرحيل القائد  الرمز ياسر عرفات - أبو عمار
قصر الثقافة – رام الله
10-11-2008


الأخ د.ناصـر القـدوة       رئيس مجلس ادارة مؤسسة ياسر عرفات
الأخـوات والاخـوة          رئيس وأعضاء مجلسي الامناء والادارة
الأخـوات والأخـوة          رفيقات ورفاق درب ياسر عرفات
السيـدات والسـادة ....
يا أبناء شعبنا في كل مكان...

 

يحيي شعبنا الفلسطيني اليوم، ومعه كل أحرار العالم ، ومناصرو قضيتنا العادلة ، ومحبو الحرية والسلام، الذكرى السنوية الرابعة لرحيل الزعيم الخالد والقائد التاريخي أبو عمار.
 
إن إحياء هذه المناسبة الهامة، يظهر بوضوح اصرار شعبنا على الوفاء لقائد ثورته المعاصرة. كما يظهر الارادة التي لا تلين في السير على طريقه لانجاز الفصل الذي لم يكتمل في حكاية ياسر عرفات الطويلة... ألا وهو فصل الخلاص التام من آخر احتلال في عصرنا... ووضع دولة الشعب الفلسطيني التي طالما حلم بها أبو عمار على خارطة العالم....

نعم أيتها الأخوات والأخوة... بهذا وبهذا فقط تكتمل فصول حكاية  ياسر عرفات...  ياسر عرفات الذي خرج مع شعبه من حطام النكبة كطائر الفينيق... ليقود مسيرة اعادة إنبعاث الوطنية الفلسطينية... ويؤسس المدماك الأول لدولة فلسطين المستقلة، من خلال الامساك بالإنجاز الأهم للانتفاضة الشعبية عام 1987، ودفعها نحو تشييد أول سلطة وطنية فلسطينية، وحتى يتمكن شعبنا من تصويب مسار التاريخ في هذه المنطقة، وكذلك تصويب بعض الظلم التاريخي الذي لحق به.

لم تكتمل فصول حكاية ياسر عرفات بعد.. ولكن شعب فلسطين الذي أنجب قائداً وزعيماً مميزاً كياسر عرفات.. سيعرف كيف يكمل فصول هذه الحكاية، يوم ترفع زهرة من زهرات فلسطين وشبلٌ من أشبالها علم فلسطين على أسوار القدس ومآذن القدس وكنائس القدس، كما كان يحلو لأبو عمار أن يردد دائماً، بل كما كان يحلم ويعمل من أجل ذلك طوال سنوات كفاحه الطويله... وقيادته لمسيرة شعبنا، وتوحيد طاقاته في سبيل نيل الحرية والاستقلال، ومن أجل بناء دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.. دولة لكل الفلسطينين، يطورون فيها حياتهم وثقافتهم وحضارتهم.. دولة عصرية ترسخ المؤسسات وحكم القانون .. دولة يفخر بها شعبنا ويفخر بها ياسر عرفات، ومحمود درويش وكل الشهداء والقادة الشهداء....

لم يكن أبو الوطنية الفلسطينية وموحّد الشعب يعلم أن الوطن الذي تمكن شعب فلسطين من وضعه تحت الشمس، كما نجح في إدخال تطلعاته الى كل بيت في اصقاع الأرض، سيدمى بمغامرات الانقسام ويتعرض لمخاطر الانفصال، والاصرار على مواصلة هذه الكارثة غير المسبوقة في التاريخ الفلسطيني، وإلا لاستأذن بتأجيل الرحيل ولو   قليلاً !!   فياسر عرفات الذي جعل من منظمة التحرير الفلسطينية البيت والخيمة الجامعة لكل الشعب وقواه السياسية، بديلاً عن خيام التشرد واللجوء والتمزق وتذويب الهوية وطمسها... هو ياسر عرفات الذي قاد شعب فلسطين المشرد واللاجئ الى الاعتراف العربي والدولي بل وحتى الاسرائيلي...، بوحدانية التمثيل، وكذلك حقه في قيام دولته المستقلة، وهو الذي كان يدرك تماماً أن وحدانية التمثيل جزء لا يتجزأ من وحدة الحقوق الوطنية وشرعيتها.

نعم ايها الأخوات والأخوة..
ان منظمة التحرير الفلسطينية لم تعد فقط اطاراً جبهوياً لفصائل العمل الوطني بل أصبحت الكيان والوطن المعنوي لكل شعبنا، وكفاحه من أجل نيل الاستقلال في دولة فلسطين المستقلة. فتكريس وحدانية التمثيل هو الذي كرس الاعتراف الدولي بالحقوق الوطنية لشعبنا، وهو الذي ولدَّ الاجماع الدولي حول حق شعبنا في دولته المستقلة.

وعلينا ان ندرك ونحن نحيي هذه المناسبة أن المخاطر المحدقة بقضيتنا الوطنية هي مخاطر حقيقية، وأن تلك الانجازات التي قاد تحقيقها أبو عمار باتت مهددة فعلياً، إذا استمر الانقسام والانفصال، الأمر الذي يعرض تراث ياسر عرفات ورسالته وحلمه، وكذلك تضحيات آلاف الشهداء لخطر حقيقي، وأن الوفاء لذكراه وتراثه الكفاحي الطويل ، يتمثل أولاً في إعادة الوحدة للوطن، واغلاق هذا الفصل المأساوي والكارثي في تاريخ شعبنا وقضيته العادلة...

نعم أيها الأخوات والاخوة
ان الوفاء لحلم ياسر عرفات بالاستقلال والدولة هو الذي دفع الأخ الرئيس أبو مازن، ومعه كل الوطنيين في فلسطين للتسامي على الجراح، ومأساوية الدماء البريئة التي أزهقت بسبب الانقلاب وتبعاته، والاستجابة لكل المبادرات المخلصة من الاشقاء العرب، والقبول بدون تحفظات بورقة العمل المصرية ، لانهاء الانقسام واستعادة وحدة الوطن الأمر الذي لا طريق سواه لضمان استقلال وطننا ونيل حرية شعبنا.

وهنا فان من حق كل مواطن فلسطيني بل وكل مواطن عربي أن يتساءل لماذا هذا التردد والتسويف، ولماذا الاستخفاف وإدارة الظهر لكل الجهود المخلصة، واستمرار وضع موضوع وحدة الوطن على مسار لن يوصلنا الى تحقيق اهداف شعبنا وحلم ياسر عرفات، التي ضحى من اجلها عشرات آلاف الشهداء. فالانفصال الكارثي هو الذي أعطى ويعطي اسرائيل الفرصة تلو الأخرى لتحويل الضفة الغربية الى مشاع مفتوح لسياستها الاستيطانية والأمنية، وهو الذي يغطي على ما يخلفه الحصار الاسرائيلي من كوارث على شعبنا وخاصة في قطاع غزة....

إنني ومن على هذا المنبر ومن موقع الوفاء لياسر عرفات والاخلاص لكل تضحيات الشهداء، والاسرى ومعاناة اللاجئين والمشردين، أدعو جماهير شعبنا في كل مكان للإلتفاف حول خيار وحدة الوطن، وإغلاق بوابات الانفصال والتشرذم.. أدعوكم للالتفاف حول منظمة التحرير الفلسطينية، وبرنامجها وقرارات الاجماع الوطني، وفي مقدمتها مبادرة السلام الفلسطينية لعام 1988، ووثيقة اعلان الاستقلال، كي نتمكن من وضع حد للانقسام، وكي ننجح في تصويب مسار عملية  السلام، ووقف التآكل في مرجعيتها، والزام اسرائيل بقواعد القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية، وهو الأمر الذي سيجعلنا كذلك قادرين على التأثير الفعال في معطيات الواقع الدولي والاستفادة مما يصاحبها من متغيرات. ان ذلك كله هو الذي سيوفر لشعبنا الأرضية السياسية للصمود، وإفشال مخططات الاستيطان الاسرائيلية.

الأخوات والأخوة:
ان رسالة مؤسسة ياسر عرفات في جمع تراثه، وتخليد ذكراه، والسير على خطاه، تستدعي منا جميعاً الامساك ببوصلة الوطن، والعمل على توفير كل مقومات الصمود لشعبنا وحماية ارضه. فقيام المؤسسة بتكريم اللجنة الشعبية لمواجهة الاستيطان والجدار في بلعين، ومنحها جائزة ياسر عرفات للإنجاز في العام الماضي، إنما يمثل بجوهره تجديد الدعوة لمواصلة رسالة ياسر عرفات، ودعوة شعبنا للتمسك بأرضه وحمايتها.

 ان ما تقوم به لجان الدفاع عن الأرض ومواجهة الاستيطان يحظى وسيظل يحظى بكل الدعم والمساندة السياسية والمادية والمعنوية من قبل السلطة الوطنية الفلسطينية، والتي ستواصل تنفيذ المشاريع التنموية وخاصة في المناطق المهمشة والريفية والمهددة من خطر المصادرة والاستيطان والجدار. وان هذين الأمرين وبالاضافة الى ما تقوم به الحكومة من فرض الامن والنظام العام وسيادة القانون وتوفير الأمن للمواطنين، والذي ستستمر به ولا مساومة عليه، يمثل جوهر وظيفة السلطة الوطنية، والركيزة الاساسية لخطة عملنا الدائمة لتوفير عناصر ومقومات الصمود لشعبنا في مختلف المناطق سيما في محافظة الخليل، والتي يجب وضع حد لعربدة المستوطنين ضد سكان بلدتها القديمة، ومساندتها في إعادة الاعمار، وكذلك وضع احتياجات مناطق الاغوار على سلم الأولويات، إضافة الى مسؤليات السلطة الوطنية في دعم المزارعين، وحمايتهم من إرهاب المستوطنين وجرائمهم البشعة، والتي تصاعدت أثناء موسم قطف المواطنين لثمار زيتونهم.  هذا هو طريقنا أيها الأخوات والاخوات ... وهذه هي مسؤولياتنا التي سنواصل القيام بها.

 وهنا فإنني أتوجه الى كل أطراف المجتمع الدولي بأنه قد آن الآوان لها كي تتحمل مسؤولياتها القانونية والسياسية والاخلاقية، وتقوم بخطوات ملموسة وعلى الأرض، لوضع حد لسياسة اسرائيل الاستيطانية وجرائم مستوطنيها، والتدخل الفعال لانهاء الاحتلال، وانقاذ حل الدولتين بتمكين شعبنا من تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على حدود عام 1967، باعتبار ان ذلك يمثل مفتاح الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة.

الأخوات والأخوة
وقبل أن اختم حديثي اسمحوا لي أن أؤكد أمامكم، ونحن في رحاب روح الشهيد القائد أبو عمار، أن سلطتكم الوطنية ستواصل العمل من أجل توفير كل مقومات الصمود على هذه الأرض، ودعم كل المبادرات الشجاعة والفعالة لمواجهة الاستيطان، وبناء المؤسسات القوية والقادرة على تلبية الاحتياجات الاساسية لشعبنا وتعزيز قدرته على نيل حقوقه، وفي مقدمتها انهاء الاحتلال وقيام دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس .

إن ياسر عرفات لم يكن فقط قائد ثورة أو رئيساً للمنظمة والسلطة الوطنية، بل كان كذلك شريكاً حقيقياً  لصنع السلام. وعلى العالم ان يعرف انه كما كان ياسر عرفات، فلا يوجد ولن يوجد شريك فلسطيني لتحسين نوعية الاحتلال ، بل يوجد دائماً شريك فلسطيني لانهاء الاحتلال.

وفي الختام اسمحوا لي أن أكرر ما قاله فقيدنا الكبير محمود درويش في تخليد أبو عمار ( في كل واحد منا ذكرى شخصية منه، وعناق وقبلة)، وكما قال أيضاً ( تلك كانت محاولة ياسر عرفات الدؤوب، الانتقال من الدور الذي تمثله الضحية في التاريخ الى المشاركة في صنع التاريخ)

لك المجد والخلود يا أبا عمار
ولنعمل معاً وسوياً .. لتحقيق حلمه وتطلعات شعبنا
وإنا على هذه الأرض باقون


والسلام عليكم

آخر الاخبار

بيان إعلامي للإطلاق الرسمي لمنظومة الخدمات الحكومية الإلكترونية "حكومتي"
29/12/2022
سيادة الرئيس محمود عباس "أبو مازن" يترأس جلسة مجلس الوزراء الاسبوعية
29/06/2022
مجلس الوزراء يصادق على حزمة من المشاريع التنموية والتطويرية في محافظة طوباس
25/01/2022